بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
السيد سيرغي لافروف، وزير خارجية الاتحاد الروسي، السادة ممثلو الدول الأعضاء وضيوف صیغة موسكو الكرام، السيدات والسادة!
صباح الخير عليكم جميعا!
في البداية أتوجه بالشكر إلى حكومة الاتحاد الروسي الموقرة على دعوتها أفغانستان للمرة الأولى كعضو في منتدى موسكو، كما أتقدم بالشكر الجزيل لحكومة الاتحاد الروسي وخاصة للسيد سيرغي لافروف، وزير الخارجية، على حسن الاستضافة والترحيب الحار.
وأغتنم هذه الفرصة لأعبر عن تقديري الكبير للاتحاد الروسي على اعترافه الشجاع بالإمارة الإسلامية في أفغانستان.
لا شك أن هذه الخطوة غير المسبوقة فتحت آفاقاً جديدة لتعاون عملي غير مسبوق بيننا.
كما تعلمون، عقد اجتماعنا السابق في صیغة موسكو بتاريخ ٤ أكتوبر ٢٠٢٤.
ومنذ ذلك الحين، حدثت تغيرات مهمة في المنطقة والعالم، ولكن ولحسن الحظ، تعززت علاقات أفغانستان مع المنطقة وأصبحت في طريقها نحو مزيد من الاستقرار والقوة، وهذا يعكس فهم العالم الخارجي ونواياه الحسنة تجاه أفغانستان.
الحضور الكرام!
نحن نجتمع اليوم في ظرف تتسارع فيه موجات التغيير والتحولات في منطقتنا والعالم، ومن وجهة نظري، ما يلفت الانتباه بشكل خاص هو أن علاقاتنا مع شركائنا تتجه نحو المزيد من الثقة والاطمئنان في هذا الوقت بالذات، وهذا الاجتماع اليوم دليل واضح على ذلك.
على مدى السنوات الأربع الماضية، حققت الإمارة الإسلامية في أفغانستان تقدمًا غير مسبوق في مجالات الأمن، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، ويجب على المجتمع الدولي وممثلي الدول الحاضرة هنا ألا يتجاهلوا هذه الإنجازات.
مع وصول الإمارة الإسلامية إلى السلطة، ورثنا تحديات أمنية غير مسبوقة مثل تنظيم داعش، وعصابات المخدرات، وتهريب الأسلحة، وغيرها من القضايا التي كانت تعزل بلدنا عن المنطقة والعالم، تم التعامل معها اليوم بأفضل صورة ممكنة. تحولت أفغانستان الآن من تحدٍ أمني إلى شريك في استقرار المنطقة وفرصة للتقدم الاقتصادي.
السادة الحضور!
أود أن ألفت انتباهكم من هذه المنصة إلى قضية الأمن في أفغانستان.
أولاً، يجب أن أوضح بأن مشكلات الأمن في منطقتنا لم تظهر بوصول الإمارة الإسلامية، بل مضت على القضايا الأمنية أكثر من أربعة عقود، والحضور الأجنبي في أفغانستان خلال العشرين سنة الماضية وتعاون بعض دول المنطقة معه كان السبب الرئيسي في هذه المشكلات الأمنية.
ولحسن الحظ، تم القضاء على جميع عوامل انعدام الأمن في أفغانستان خلال السنوات الأربع الماضية.
ونحن نعتقد أنه يجب التعاون على هذا التقدم الإيجابي وإدارته بشكل أفضل حتى لا تتكرر الأخطاء الماضية، ولا ينبغي لمنطقتنا أن تكون مرة أخرى ضحية لحسابات خاطئة وسياسات ناقصة.
كما تعلمون، صدر بيان مشترك مؤخراً من عدة دول أشير فيه إلى وجود جماعات مختلفة في أفغانستان، وأود أن أقول بوضوح إنه لا وجود لأي مجموعة في أفغانستان تستخدم أراضيها لإحداث مشكلات للدول الأخرى.
وأتمنى من المسؤولين في الدول المتأثرة بعدم الأمن أن يتحملوا مسؤولياتهم، لكن من المؤسف أن بعض الأطراف تحاول بنشاط تقديم أفغانستان كتهديد للمنطقة بدلاً من تقدير الأمن والاستقرار الذي تحقق في السنوات الأربع الماضية.
أنا أدين هذه المحاولات بشدة، وأدعو جميع الدول إلى اتخاذ موقف مستقل بشأن أفغانستان بناء على الحقائق الموضوعية ومعلوماتها الخاصة لكي نتمكن من إيجاد حلول عملية وفعالة لمشكلات المنطقة.
معلوماتنا تشير إلى أن تنظيم داعش وبعض الجماعات الأخرى أنشأوا مؤخرًا مراكز تدريب وتجهيز في دول أخرى بالمنطقة، وهذا يثير قلق الحكومة الأفغانية.
كما ازدادت زراعة وإنتاج وتهريب المخدرات خارج أفغانستان بطريقة مسبوقة بعد إيقافها في أفغانستان، ويجب على دول المنطقة القيام بتحقيقات مستقلة في هذه القضايا.
السادة الحضور!
في المجال الاقتصادي، أود أن أشير إلى أن الإمارة الإسلامية في أفغانستان أعلنت لأول مرة استراتيجية وطنية للتنمية الخماسية المقبلة والتي من خلالها سيتم تعزيز الاقتصاد من خلال تقوية القطاع الإنتاجي، وجذب الاستثمار، وتطوير التصدير، والبنية التحتية.
في السنوات الأربع الماضية، شهدنا تقدمًا إيجابيًا نحو الاستقرار الاقتصادي، وأود أن أذكر بعضًا من أهم هذه الإنجازات:
١. الناتج المحلي الإجمالي
عند بداية الإمارة الإسلامية، كان الناتج المحلي الإجمالي حوالي ١٤.٤ مليار دولار، والآن وصل إلى ١٧.٤ مليار دولار، مما يعكس نموًا اقتصاديًا سنويًا بحوالي ٣٪، مع تعزيز القطاع الإنتاجي، والسوق المحلية، وتحسين إدارة الإيرادات.
٢. تطوير التصدير
ارتفع تصدير أفغانستان خلال الأربع سنوات الماضية من ٧٠٠ مليون دولار سنويًا إلى ٢ مليار دولار، ويتم تصدير منتجاتنا الآن إلى ٧٠ دولة حول العالم، مما يدل على الوصول إلى الأسواق العالمية وزيادة الإيرادات الخارجية.
٣. زيادة الواردات وقوة الشراء
بالمقارنة مع عام ٢٠٢٠، زادت وارداتنا من ٦.٥ مليار دولار إلى ١٢ مليار دولار، وهو مؤشر على تعزيز الاستهلاك المحلي وقوة الشراء وتحسن النشاط الاقتصادي ومستوى المعيشة.
٤. الاستقلال المالي للميزانية
تمول الإمارة الإسلامية الآن كامل مصاريف الدولة من الموارد الداخلية، ففي السابق كانت هناك مساعدات سنوية تتراوح بين ٤ إلى ٦ مليارات دولار، ونحن اليوم نحقق خطوات مهمة نحو الاستقلال المالي مع تغطية الميزانية العادية والتنموية بالكامل من الإيرادات المحلية.
٥. الاستثمار الأجنبي والالتزامات
خلال السنوات الأربع، حصلنا على التزامات استثمارية بقيمة ٢١ مليار دولارا، وتم تحويل ٧ مليارات دولار إلى استثمارات فعلية في البنية التحتية، والطاقة، والمناجم، والمشاريع الإنتاجية، ما يضمن نموًا مستدامًا.
٦. تطوير الإنتاج الصناعي
في عام ٢٠٢٠، كان هناك حوالي ٣٥٠٠ مصنع في أفغانستان، والآن تجاوز عدد المصانع إلى ٦٠٠٠، ما يدل على توسع القطاع الإنتاجي وزيادة الإنتاج الداخلي وخلق فرص العمل.
هذه الإنجازات نتيجة جهود السنوات الأربع الماضية لتحقيق الاستقرار والتقدم الاقتصادي في أفغانستان.
هذه التطورات تظهر أن أفغانستان في وضع أفضل من أي وقت مضى لجذب الاستثمارات والتنمية، ولكن، للأسف، لا تزال العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بعض الدول والمنظمات الدولية تعيق المزيد من الازدهار الاقتصادي. حيث ما يقارب ٩ مليارات دولار من أصولنا مجمدة، والعقوبات تؤثر سلباً على قدرتنا على النمو الاقتصادي والمنافسة الحرة. أطلب منكم في المجتمع الدولي أن تتحملوا مسؤولياتكم في تحرير أصول أفغانستان ورفع العقوبات.
السيدات والسادة!
قبل أربع سنوات، بدأنا التعامل مع العالم من نقطة الصفر، وأرسلنا رسالة إلى جميع دول العالم بأننا نرغب في بناء أفغانستان كجزء من المجتمع الدولي من خلال سياسة متوازنة واقتصاد قوي، وقد استقبلت دول المنطقة هذه الرسالة بشكل إيجابي، واليوم لدينا علاقات وثيقة وصديقة مع جميع دول المنطقة، وكذلك، أدركت دول أخرى أن التعامل السياسي هو الخيار الوحيد للعلاقات مع أفغانستان.
وأؤكد مرة أخرى أن الإمارة الإسلامية في أفغانستان تسعى لعلاقات طيبة مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والقيم الخاصة بنا.
نحن نرغب في العمل مع جميع الدول على القواسم المشتركة وفتح حوار حول القضايا الخلافية، ونعتقد أن المفاوضات والاجتماعات والتعامل الإيجابي هي الطريق الوحيد لبناء الثقة وحل المشكلات.
السادة الحضور!
أغتنم هذه الفرصة لأقدم بعض الاقتراحات المحددة:
١. أطلب منكم جميعًا أن تنظروا إلى قضية أفغانستان بموضوعية وبمنظور مستقل ومنصف، وأن لا تتجاهلوا جهود الحكومة في مجالات الأمن والاقتصاد والاستقرار السياسي في المنطقة.
٢. مع اعتبار اعتراف الاتحاد الروسي بالإمارة الإسلامية خطوة إيجابية، نأمل أن تُستخدم هذه المنصة المماثلة لتشجيع باقي الدول على التعاون العملي مع أفغانستان.
٣. الإمارة الإسلامية تعتزم بحزم على تحويل أفغانستان إلى نقطة تواصل وتنمية اقتصادية في المنطقة، والآن هو الوقت مناسب للتركيز على التعاون الاقتصادي بدلاً من المشكلات.
٤. في مكافحة المخدرات، من الضروري إنشاء تعاون إقليمي مشترك لتنظيف المنطقة من هذه الآفة الخطيرة، والإمارة الإسلامية على استعداد تام لأي تعاون في هذا المجال.
وأخيرًا، أود أن أشير إلى معاناة الشعب الفلسطيني المظلوم.
للأسف الشديد، فشل النظام العالمي الحالي في منع الظلم المستمر على أطفال ونساء وشيوخ غزة الأبرياء.
وهذا الوضع يطرح تساؤلات كبيرة حول فلسفة حقوق الإنسان ودور المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
وأتمنى أن تؤدي المفاوضات الجارية إلى نتائج ملموسة تتيح للشعب الفلسطيني العيش بسلام إلى جانب حقه في تقرير المصير.
وأدعو مرة أخری جميع الأطراف في المنطقة والعالم التي تستطيع وقف الظلم والإبادة الجماعية في غزة إلى اتخاذ إجراءات عملية لتحمّل مسؤولياتهم في هذا الموضوع المهم.
شكراً لكم على حسن الاستماع.